في السنوات الأخيرة، أصبح استخدام الهواتف المحمولة والأجهزة الذكية جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، بما في ذلك حياة الأطفال. وعلى الرغم من فوائد التكنولوجيا في التعليم والترفيه، هناك مخاوف متزايدة بشأن تأثيرها السلبي على نمو الأطفال، خاصة فيما يتعلق بتأخر النطق والتطور اللغوي.

تأثير الهاتف المحمول على النطق

  1. انخفاض مستوى التفاعل الاجتماعي المباشر: أحد الأسباب الرئيسية التي قد تؤدي إلى تأخر النطق لدى الأطفال هو أن استخدام الهواتف المحمولة يقلل من الوقت الذي يقضيه الطفل في التفاعل مع البالغين والأطفال الآخرين. فالتواصل وجهاً لوجه يعزز مهارات النطق والتعبير اللغوي، حيث يتعلم الطفل الكلمات والمعاني من خلال الاستماع إلى المحادثات والمشاركة فيها. عندما يعتمد الطفل بشكل مفرط على الهاتف المحمول، قد يحرم من هذه التجارب اللغوية الغنية.
  2. التعرض لمحتوى غير تفاعلي: تطبيقات الهواتف المحمولة والألعاب غالبًا ما تكون مصممة لإبقاء الطفل مستمتعًا لفترات طويلة دون الحاجة إلى التواصل اللفظي. وفي حين أن بعض التطبيقات التعليمية قد تعزز التعلم، فإن الاستخدام المفرط لمحتوى غير تفاعلي يمكن أن يساهم في تقليل الحافز لدى الطفل للتحدث أو محاولة التعبير عن نفسه. الأطفال يحتاجون إلى المشاركة الفعالة في المحادثات ليتعلموا كيفية استخدام اللغة بشكل صحيح.
  3. تقليص وقت القراءة: القراءة بصوت عالٍ والتحدث مع الطفل حول القصص والكتب يعتبران جزءًا أساسيًا من تطوير مهارات النطق. ومع ذلك، إذا تم استبدال وقت القراءة باستخدام الهواتف المحمولة، فإن الطفل قد يفقد هذه الفرصة المهمة لتعزيز مفرداته وتطوير قدرته على النطق.

الدراسات العلمية والبحثية

أظهرت بعض الدراسات أن الأطفال الذين يقضون وقتًا طويلاً أمام الشاشات قد يعانون من تأخر في النطق مقارنةً بأقرانهم الذين يحصلون على تفاعل اجتماعي أكبر. على سبيل المثال، دراسة نُشرت في المجلة الكندية للطب عام 2017، أظهرت أن الأطفال الذين استخدموا الشاشات لأكثر من 30 دقيقة يوميًا كانوا أكثر عرضة لتأخر النطق. وأوضحت الدراسة أن التعرض المطول للشاشات يقلل من التفاعل الاجتماعي المباشر، مما يحد من فرص التعلم والتطور اللغوي.

كيفية تقليل تأثير الهاتف المحمول على تطور النطق

  1. تخصيص وقت للشاشات: من المهم وضع حدود واضحة لاستخدام الأطفال للهواتف المحمولة والأجهزة الذكية. توصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بألا يتعرض الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 شهرًا للشاشات على الإطلاق، باستثناء المكالمات المرئية. بالنسبة للأطفال الأكبر سنًا، يُفضل ألا يتجاوز وقت الشاشات ساعة إلى ساعتين يوميًا.
  2. تعزيز التفاعل الاجتماعي: يجب تشجيع الأطفال على المشاركة في أنشطة تعزز التفاعل الاجتماعي، مثل اللعب الجماعي أو القراءة مع الأهل. التحدث مع الأطفال خلال الأنشطة اليومية مثل تناول الطعام أو اللعب يمكن أن يعزز قدرتهم على النطق.
  3. استخدام التطبيقات التعليمية التفاعلية: إذا كان لا بد من استخدام الهاتف المحمول، يجب اختيار تطبيقات تعليمية تفاعلية تتطلب من الطفل التحدث والتفاعل مع المحتوى. التطبيقات التي تعلم الأطفال الكلمات والمفاهيم من خلال الأغاني أو القصص التفاعلية يمكن أن تكون مفيدة في تطوير النطق.
  4. القراءة بصوت عالٍ: تشجيع الطفل على قراءة الكتب بصوت عالٍ مع الأهل أو من خلال القصص الصوتية يمكن أن يعزز نموه اللغوي ويزيد من مفرداته. القراءة معًا تتيح فرصًا للتحدث عن الشخصيات والأحداث، مما يشجع الطفل على استخدام اللغة.

لا شك أن التكنولوجيا أصبحت جزءًا أساسيًا من حياتنا، ولها فوائد تعليمية وترفيهية، لكن من المهم أن يتم استخدامها بحكمة. وفقاً لتوصيات مركز علاج النطق والتخاطب فإن تأخر النطق لدى الأطفال يمكن أن يكون نتيجة لمجموعة من العوامل، وليس الهاتف المحمول وحده. مع ذلك، ينبغي على الآباء الحرص على موازنة استخدام التكنولوجيا مع الأنشطة التي تعزز التفاعل الاجتماعي والتواصل اللغوي الطبيعي. التحدث مع الأطفال يوميًا، القراءة لهم، وتوفير بيئة تفاعلية غنية يمكن أن يساعد في تجنب أي تأثير سلبي محتمل لاستخدام الهواتف المحمولة على تطور النطق.